
الترياق
كيف تبدأ النساء المهذّبات قصائدهن؟
بوصف يد الأم على ظهر المولودة،
بتذكُّر ابتسامات الغرباء،
بِشرب كأسين كوكتيل فقط،
بضبط النفس،
بالموت،
بردّ العزائم والولائم،
بالترحيب الحار،
بالابتعاد عن الجروح،
-متر ونصف تقريبا مع التزام بوضع كمامة-
يدّ أمي لم تلمس ظهري
تكذّب علي،
تقول مبلى، مسدّت ظهرك، وغفوتي تحت إبطي.
لكن ظهري لا يكذب، لم تمرّ عليه يد الأم،
مرّ عليه:
عصا،
حزام،
أياد زرعت أشياء غريبة في ظهري، فنبتت عليه أعشاب جمّة، كانت ستي تزرع مثلها على الشرّفة :ورد جوري يُخفي رائحة السمّ في الشاي والبيت والصور.
لكن ظهري لا يكذب، لكنه لا يشم.
كان هناك سمّا،
كان هناك دمعا،
كان هناك تعبا،
المولودة تقول إنها لُفّت أربعين يوما،
تطلب ذلك وضعها جانباً،
عدم لمسها
سد الأذن عن البكاء،
ليشتدّ عودي.
لم اعلم أني مسمومة
جلست الطبيبة تشرح لي:
الأمعاء لا تعمل
لا تمضغ
لا تنظف نفسها
لا تبالي
قالت الأم أن الطبيبة تكذب.
كل نساء عائلتنا تتوارث أمعاء لا يعمل
لكن باطني لا يكذب،
لم يرث شيئا
سوى عودا مشدودا.
كيف تبدأ النساء المسمومات قصائدهن اذن؟
في مديح الترياق:
ملعقة عسل صباحاً
من بعدها
تمارين يوجا وتنفُس
شهيق: تدخلين في انفك رائحة أسرار العائلة، ومجموع الابتسامات الصفراء التي لم تواجهيها، اسم الحيوانة التي قالت: “في أوروبا لا يحبون التمايز، فخفف من طموحك.”
وقفي التنفس لثلاث ثوان.
زفير: تخرجين من فمك عواطف للعائلة مع بقايا الطعام من بين أسنانك، رائحة الموتى في حياتك، كربون يحمل كل ما تعرفين عن أعدائك وبلغم من رجال صغار ماتوا غرقا بين رئتيك، ارمي الكلينكس في أقرب مستوعب نفايات.
ثم
خذي حماماً
واستلق على السرير،
أغمضي عيناك،
عودي الى الماضي،
حين كنت مولودة
عندما وضعوك جانبا
ليشتد عودك،
ولفوك في قماش متين
وابكْ كأنها أُم المعارك
لتستسلم الأم
فترخي اللّفة
وتحملك
فلا يشتد عودك
هذا هو الترياق: قصائد النساء المسمومات.