ولادة المجرمين.

الصورة لي، كنيسة السيدة العذراء، روما 25 آذار 2023

مرّة قالت لي أمي أن الخط الأخضر عبارة عن أعشاب طويلة تنمو حين تنهي الحرب. ومن ثم نفضت سيجارتها، وقالت إني مسؤولة عن هذه الحرب، ولكنها لم تعرف إنها ستلد مجرمين حين كنا نخرج من بطنها في مستشفيات فاخرة. فحاولت أن تُخفي ملامحنا على الحواجز وأعطت أغلبنا أسماء لا تدل على الجريمة التي ننتمي اليها، وقصّت حبل الصرّة الذي يربطنا بالجريمة، واعتقدَت إنها نجحت، فوضعت صورنا في شجرة عائلتها من دون ملامح وقالت إننا جزء من الشجرة التي تطرح ثمارا نقيا وضحايا.

فلم يسمع أحد صوتنا ولم يعرفنا أحد،

 وظلّت تشكي من كثرة الحزن في البيت،

وإنها حين تضمّ احدّ منّا،

كانت تشعر أن شيئا مّا ينقصنا،

 فصارت لا تلمسنا حتى لا تتذكر إننا نأتي من جريمة.

كُنا قبل النوم حين نتأكد إنها ابتعدت، نزيل القناع عن وجهنا، حتى لا نجرح شعورها، ونتمدد على السرائر، مدفونين بأغطية ثقيلة، نتهامس عن الانتفاضة ونتذكّر اسم الجريمة التي نأتي منها، بيتا وحيّا وقضاء بسرعة، وقبل أن يأتي الصباح لنعود ونرتدي القناع كي لا نخيف أمي.

سقط القناع في المدرسة، كان ذلك في بدء العام الدراسي، وقد نبت لي شعر تحت إبطي وفي المنطقة التي كان علينا ألا ننظر اليها، وحين فتحت لنا أمي الباب، لم تصرخ أو تخاف، بل وضعت لنا الغذاء، وجلست قُرب النافذة تمحي أسمائنا من شجرة عائلتها، وقالت إنها جذعاً لم يُثمر.